نيران في جوف انسان

الجزء الأول :

تعلن الخطوط الجويه السعوديه عن اقلاع رحلتها رقم 2954 والمتجهه بإذن الله من مطار الملك عبد العزيز بجده الى مطار الملك خالد بالرياض

في المقعد رقم 32A يجلس نواف (( نواف شاب سعودي طويل القامه عريض المنكبين ملامحه حاده يرتدي الزيئ السعودي المعتاد يعمل في مدينة الرياض وأسرته في مدينة جده ))

تتقدم نوره بهدوء (( نوره فتاة سعوديه متوسطة الطول قمحية البشره وجهها دائري وعيناها واسعتان جمالها فاتن متوسطة الوزن في هذه الرحله ترتدي عباءه سوداء ونقاب عائده الى الرياض بعد زياره استمرت اسبوعين لأختها التي تسكن مع زوجها في جده)) تحمل في يدها كرت الصعود الذي يحمل الرقم 32B تتردد في الجلوس ولعدم وجود مقعد آخر بديل تجلس نوره بجوار نواف

يرمقها نواف بعينه لسان حاله يقول (( هلا والله ))

تجلس نوره

نواف يدير وجهه للأمام
يربطون الأحزمه بإنتظار الإقلاع

مضيف الطائره يعطي توجيهات حول إجراءات السلامه

يتذكر نواف انه لم يغلق هاتفه المحمول يخرجه من جيبه ويخطف نظره أخرى من جارته

نوره تنظر الى الأمام ولم تلقى بال لجارها المتطفل بنظراته

تقلع الطائره

ترتفع عاليا لتودع عروس البحر الأحمر

تطفأ إشارة ربط الأحزمه

يبدأ المضيفون بتوزيع الصحف

نواف يطلب صحيفة الشرق الأوسط

يتجاوز الصفحات السياسيه والإجتماعيه ويتوقف عند (( الكلمات المتقاطعه ))

يخرج قلمه من جيبه ليستعرض ثقافته امام جارته التى مازالت لاتحس بوجوده

‍1- أفقي : عاصمة فنزويلا

لايعرفها ويتجه الى :

1- عمودي : العنصر الأساسي في تركيب الفحم

بعد التفكير يكتب (( كربون))

يستنتج نواف ان الحرف الأول من عاصمة فنزويلا هو ( ك )

يحاول ان يستعيد ذاكرته لا يستطيع

بعد لحظة هدوء يجد نواف الحل ولكنه ليس عاصمة فنزويلا

الحل :

ان يستعين بجارته

قرر نواف ان يوجه لها السؤال

ولكن تخونه الجرأه

كلما هم بالسؤال يتردد ويقول في نفسه (( أخس يانواف وش بلاك متردد ))

( واحد اثنين ثلاثه ) لوسمحتي

نوره تنظر بسرعه وفي عينيها نظرات الدهشه الممزوجه بالغضب

نواف يبتسم ويأخذ نفس ويأشر بأصبعه على الجريده: ممكن عاصمة فنزويلا ؟

نوره تنظر الى الإمام ولاتنظق بكلمه

ثم تعود وتنظر مره أخرى الى الجريده

وتجيب بصوت خافت : كراكاس

نواف : what ..؟

نوره بتذمر : كراكاااااااااس

نواف : لحظه اشوف تراها ستة حروف ؟ كاف . راء . الف .كاف . الف .سين

صحححححححححححححح

نوره تبتسم في داخلها وتقول : ادري انه صح


نواف يكتب الحروف وصوت نوره يتردد في أذنه كراكااااااااس كراكااااس كراكااس

وبعد ان يكمل حروف العاصمه يتجه الى

2- عمودي: آله وتريه

يجاوب بسرعه ربابه

3 - عمودي : أمير الشعراء

بسرعه أيضا .. أحمد شوقي

4 - عمودي مغلق

5- عمودي : نسيم الصباح بالفارسي

نواف لايعرف الجواب ويفكر بالاستنجاد بجارته

ويقول لنفسه (( بسألها بس أكيد ماتعرف ))

وبدون تردد : لو سمحتي كلمه معناها نسيم الصباح بالفارسي أول حرف ألف من أربعه حروف

نوره : تنظر باتجاهه ولكن ليس الى وجهه وتجيب وتجيب بسرعه (( أياز ))

نواف : وشو .؟

نوره تصمت وتنظر في المقعد الذي أمامها

نواف : وهو محرج طيب ممكن تكملين انتي وانا اتابع ..

نوره : بكتب لك هذي وانت كمل

نواف : سمي

نوره تكتبها

نواف قبل ان تكمل الحروف : خلاص انا مابكمل اذا مابتكملين تصفحي الجريده ايزي

نوره : لا خلاص بكمل

نواف وهو مبتسم : اذا صعب عليك شيء إسأليني خصوصا بالرياضه

نوره تبدأ تكمل الكلمات المتقاطعه دون الحاجه إلى نواف

نواف بعد دقائق يشعر ان مربعات الكلمات المتقاطعه سوف تمتلئ بالحروف عندها حبل الوصل بينه وبين جارته سوف ينقطع

نواف : ماشاءالله عليك

وقبل ان ترد نوره يأتي المضيف ليقدم وجبة الغداء

تضع نوره الجريده في الجيب الخلفى للمقعد الذي أمامها

يتناول كل منهما الغداء في صمت

وبعد فروغهما من الغداء

نواف يلاحظ ان نوره لم تخرج الجريده ولم تكمل الكلمات المتقاطعه

يتردد بعد طول صمت

نواف : ليش ماتكملين ؟؟

نوره : انتهيت

نواف : طيب هاتي بشوف يمكن عندك أخطاء

نوره : لا انا متأكده

نواف : طيب دامك واثقه هاتي اشوف

نوره وهي مبتسمه : تفضل

نواف : ماشاءالله عليك عبقريه ؟

نوره : شكرا من ذوقك

نواف : ممكن سؤال

نوره : تفضل

نواف وهو ينظر الى يديها الموضوعتان فوق بعضهما : من وين لك الثقافه هذي؟

نوره لاتجد جواب وتقرر الصمت

نواف : أقصد بسأل عن مستواك العلمي

نوره : انا طالبه بالجامعه .. وانت ؟

نواف : انا موظف بالإتصالات

نوره : وين ؟

نواف : بالرياض .. وانتِ وين؟؟

نوره : بالرياض

نواف : انا بحتفظ بالجريده ممكن ؟؟

نوره : ليش ؟ (( بخاطرها تقول انا شدخلني ))

نواف : عشان فيها خط ايدك

نوره تشعر بالحرج وتقول : خط قلمك

يضحكان جميعاً

يقطع ضحكهما إشارة ربط الأحزمه استعداداً للهبوط

الجميع صامت يفكر في جميع ماقال وسمع

تهبط الطائره وبعد الوقوف تماما تغادر نوره مقعدها متجهه لباب الطائره

نواف لايعلم ما الذي جعله جالس الى الآن لم يلحق بها ولم يقل لها كلمة ((حمدلله على السلامه))

وبعد أقل من دقيقه يقول لنفسه : (( حراام تفووت ))

يلحق بها على عجل وقد أخرج كرت شخصي له مكتوب رقم هاتفه المحمول وإسمه

يقترب بسرعه من نوره في الممر الذي يخرج من الطائره بعد ان كاد يفقدها

يمشي بجوارها

ويفاتحها قائلاً :الجريده معي

نوره تسارع خطواتها

نواف : الجريده ذكرى من عندك وانتِ خذي الكرت هذا ذكرى

نوره تزيد من سرعة خطواتها